تُعد الغدة الدرقية من الغدد المهمة في الجسم، حيث تفرز هرمونات أساسية تتحكم في عملية التمثيل الغذائي وتنظيم العديد من وظائف الجسم الحيوية. خلال فترة الحمل، تشهد المرأة تغيرات هرمونية كبيرة، ويعتبر تأثير الغدة الدرقية جزءًا من هذه التغيرات. اضطرابات الغدة الدرقية أثناء الحمل قد تؤثر بشكل كبير على صحة الأم والجنين، ويحتاج الأمر إلى التشخيص والعلاج السريع.
في هذا المقال، سنناقش أنواع اضطرابات الغدة الدرقية التي قد تحدث أثناء الحمل، أسبابها، الأعراض المرتبطة بها، كيفية تشخيصها، وآليات العلاج المتاحة.
وظائف الغدة الدرقية في الجسم
تعتبر الغدة الدرقية إحدى الغدد الصماء الموجودة في الرقبة، وهي مسؤولة عن إفراز الهرمونات الدرقية الأساسية مثل الثايروكسين (T4) والثلاثي يودوثيرونين (T3). هرمونات الغدة الدرقية تُنظم العديد من العمليات الحيوية في الجسم، مثل:
- تنظيم حرارة الجسم.
- تأثير على نمو وتطور الأنسجة والخلايا.
- تنظيم معدل ضربات القلب.
- التحكم في مستويات الطاقة والتوازن الغذائي.
في فترة الحمل، تلعب الغدة الدرقية دورًا حيويًا في نمو وتطور الجنين، حيث تساعد على تطور دماغ الجنين ونمو الأنسجة والأعضاء، خصوصًا خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل.
أنواع اضطرابات الغدة الدرقية أثناء الحمل
اضطرابات الغدة الدرقية أثناء الحمل قد تكون إما نقصًا في إفراز هرمونات الغدة الدرقية (قصور الغدة الدرقية) أو زيادة في إفراز هذه الهرمونات (فرط الغدة الدرقية). كلا النوعين له تأثيرات سلبية على الأم والجنين إذا لم يتم التحكم بهما بشكل مناسب.
1. قصور الغدة الدرقية (Hypothyroidism)
قصور الغدة الدرقية هو حالة يكون فيها مستوى الهرمونات الدرقية في الدم أقل من الطبيعي. في الحمل، قد تحدث هذه الحالة بسبب:
- أمراض المناعة الذاتية: مثل مرض هاشيموتو (الذي يهاجم فيه الجهاز المناعي الغدة الدرقية).
- نقص اليود: حيث أن اليود يعد عنصرًا أساسيًا لإنتاج هرمونات الغدة الدرقية.
- مشاكل في الغدة الدرقية السابقة: مثل إزالة الغدة الدرقية أو علاجها بالإشعاع.
أعراض قصور الغدة الدرقية أثناء الحمل:
- الإرهاق العام والشعور بالتعب.
- زيادة الوزن غير المبررة.
- شعور بالبرودة أو انخفاض درجة حرارة الجسم.
- ضعف الشعر والأظافر وجفاف الجلد.
- الإمساك.
- ارتفاع ضغط الدم أو اضطرابات في الدورة الشهرية.
2. فرط الغدة الدرقية (Hyperthyroidism)
فرط الغدة الدرقية هو حالة يتم فيها إفراز كمية كبيرة من هرمونات الغدة الدرقية، مما يؤدي إلى تسريع العمليات الحيوية في الجسم. في الحمل، يمكن أن يحدث فرط الغدة الدرقية بسبب:
- مرض جريفز، وهو مرض مناعي ذاتي يسبب فرط نشاط الغدة الدرقية.
- علاج سابق باليود المشع أو أدوية تحفز الغدة الدرقية.
- التهاب الغدة الدرقية في بعض الحالات.
أعراض فرط الغدة الدرقية أثناء الحمل:
- تسارع ضربات القلب والشعور بالتوتر أو العصبية.
- زيادة التعرق أو الشعور بالحرارة الشديدة.
- فقدان الوزن غير المبرر على الرغم من زيادة الشهية.
- رعشة اليدين.
- أرق وصعوبة في النوم.
- ضعف العضلات أو الشعور بالتعب السريع.
3. التهاب الغدة الدرقية بعد الولادة (Postpartum Thyroiditis)
هذا النوع من اضطرابات الغدة الدرقية يحدث بعد الولادة، حيث يمكن أن يسبب التهاب الغدة الدرقية تغيرات في مستويات الهرمونات. قد يتسبب التهاب الغدة الدرقية بعد الولادة في زيادة مؤقتة في إفراز الهرمونات، تليها فترة من القصور في إفراز الهرمونات.
تأثير اضطرابات الغدة الدرقية على الحمل
1. تأثير قصور الغدة الدرقية:
إذا ترك قصور الغدة الدرقية غير معالج، فإنه يمكن أن يؤثر سلبًا على الحمل وصحة الجنين. قد تشمل الآثار المحتملة:
- ارتفاع خطر الإجهاض في المراحل المبكرة.
- زيادة خطر حدوث تسمم الحمل (Pre-eclampsia) أو مشاكل ارتفاع ضغط الدم.
- تأخر نمو الجنين أو ولادة جنين منخفض الوزن.
- عسر الولادة بسبب تعقيدات صحية للأم.
- صعوبات في الإخصاب، حيث يؤثر قصور الغدة الدرقية على الإباضة.
2. تأثير فرط الغدة الدرقية:
فرط الغدة الدرقية يمكن أن يكون له تأثيرات خطيرة على كل من الأم والجنين، بما في ذلك:
- زيادة خطر الولادة المبكرة أو انخفاض وزن الجنين.
- مشاكل في نمو الجنين العقلي والجسدي.
- مضاعفات قلبية للأم مثل تسارع ضربات القلب أو ارتفاع ضغط الدم.
- زيادة خطر تسمم الحمل.
إذا تم تشخيص فرط الغدة الدرقية خلال الحمل، يحتاج العلاج إلى إدارة دقيقة لضمان عدم تعرض الأم أو الجنين للمخاطر.
كيفية تشخيص اضطرابات الغدة الدرقية أثناء الحمل
يتم تشخيص اضطرابات الغدة الدرقية عادةً من خلال فحوصات الدم لقياس مستويات الهرمونات الدرقية مثل:
- مستوى هرمون TSH (الهرمون المنبه للغدة الدرقية).
- مستوى هرمونات T3 و T4 (الثلاثي يودوثيرونين والثايروكسين).
- مستوى الأجسام المضادة في حالة الأمراض المناعية مثل مرض هاشيموتو أو مرض جريفز.
في بعض الحالات، قد يوصي الطبيب أيضًا بإجراء فحص الموجات فوق الصوتية للغدة الدرقية أو الرنين المغناطيسي في حالات معينة.
علاج اضطرابات الغدة الدرقية أثناء الحمل
1. علاج قصور الغدة الدرقية:
إذا تم تشخيص قصور الغدة الدرقية، يتم علاج المرأة الحامل باستخدام هرمونات الغدة الدرقية الاصطناعية مثل ليفوثيروكسين. هذا الدواء يعوض النقص في الهرمونات الدرقية ويساعد على الحفاظ على مستوياتها ضمن المعدلات الطبيعية، مما يساهم في نمو الجنين بشكل صحيح.
- من المهم أن تتم مراقبة مستويات الهرمونات بانتظام لضبط الجرعة بشكل مناسب طوال فترة الحمل.
- العلاج المبكر يساعد على تقليل مخاطر المضاعفات المرتبطة بالحمل.
2. علاج فرط الغدة الدرقية:
علاج فرط الغدة الدرقية أثناء الحمل يتم من خلال الأدوية المضادة للغدة الدرقية مثل الـ PTU (بروبيل ثيوراسيل) أو الميثيمازول. يُستخدم الـ PTU بشكل شائع في الحمل لأنه لا يتسبب في مشاكل للأجنة كما هو الحال مع بعض الأدوية الأخرى.
- في الحالات الشديدة التي لا تستجيب للأدوية، قد يُوصى بالعلاج الجراحي أو العلاج باليود المشع بعد الولادة.
- يجب متابعة الحالة عن كثب لضمان سلامة الأم والجنين.
3. علاج التهاب الغدة الدرقية بعد الولادة:
عادةً ما يختفي التهاب الغدة الدرقية بعد الولادة من تلقاء نفسه، لكن في بعض الحالات قد يحتاج الأمر إلى أدوية لتحسين الأعراض أو تنظيم مستويات الهرمونات.
الوقاية والمتابعة
لتقليل مخاطر اضطرابات الغدة الدرقية أثناء الحمل، يجب على النساء الحوامل:
- إجراء فحوصات طبية دورية لمراقبة مستويات هرمونات الغدة الدرقية.
- تناول مكملات اليود إذا كانت مستويات اليود منخفضة، حيث أن اليود مهم لإنتاج الهرمونات الدرقية.
- مراجعة الطبيب فورًا عند ظهور أي أعراض غير طبيعية قد تشير إلى اضطراب في الغدة الدرقية.
الخاتمة
اضطرابات الغدة الدرقية أثناء الحمل هي حالة طبية شائعة يمكن أن تؤثر بشكل كبير على صحة الأم والجنين إذا لم تتم معالجتها بشكل مناسب. من المهم أن تخضع المرأة الحامل لفحوصات منتظمة لمراقبة صحة الغدة الدرقية، خاصة إذا كانت لديها تاريخ عائلي من أمراض الغدة الدرقية أو إذا ظهرت عليها أعراض غير طبيعية. مع التشخيص المبكر والعلاج المناسب، يمكن للنساء الحوامل إدارة هذه الاضطرابات بنجاح لض
يمكنك متابعتنا على تيك توك لمزيد من المعلومات المرئية، كما يمكنك ايضا متابعتنا على جميع وسائل التواصل الإجتماعي.